احتجاجات الجنوب تورط الجزائر مع شركات الطاقة الأجنبية

مواضيع مفضلة

22‏/04‏/2015

احتجاجات الجنوب تورط الجزائر مع شركات الطاقة الأجنبية


>

الجزائر - كشفت مصادر مطلعة لـ”العرب” أن الجزائر أبرمت اتفاقات سرية لاستغلال الغاز الصخري منذ عام 2009، وأنها محاصرة الآن بين مطرقة الاحتجاجات الرافضة لمشاريع النفط الصخري وسندان التزاماتها لشركات الطاقة الأجنبية.
أكدت مصادر مطلعة لـ”العرب” أن الحكومة الجزائرية ماضية في مشروع الغاز الصخري مهما بلغت حدة الغضب الشعبي والاحتجاجات، والرفض الذي تبديه الفعاليات السياسية والأهلية، خاصة في مناطق الجنوب.


وعللت ذلك بالتزامات غير معلنة أبرمتها السلطات الجزائرية سرا مع شركات عالمية مثل هاليبيرتون وشلمبرغر وتوتال. وكشفت أن هناك اتفاقات أبرمت منذ عام 2009، مقابل ضغوط مارستها الشركات على حكومات بلدانها لتزكية استمرار السلطة الحالية في مواقعها.
وأضافت المصادر في تصريحاتها لـ”العرب” أن شركة توتال الفرنسية حصلت بموجب اتفاق أبرم في عام 2009، على مساحة تقدر بنحو 17 ألف كيلومتر مربع في محافظتي أدرار وتمنراست جنوب البلاد لاستكشاف واستغلال الغاز الصخري.
وأوضحت أن الاتفاقات تستهدف إنتاج 400 ألف طن من الغاز غير التقليدي خلال العام الجاري، وهو ما يؤكد أن قضية استغلال الغاز الصخري حسمت منذ وقت بعيد، ولا يمكن للسلطات أن تتراجع الآن أمام الضغط الشعبي.


وأشارت إلى أن الجزائر لا تتمتع بسجل جيد في النزاعات التجارية، وأن أي إخلال في التزاماتها الحكومة أمام شركائها الأجانب سيكلفها دفع تعويضات لا تقدر على دفعها في ظروف الأزمة المالية الحالية.
وكشفت المصادر أن إدارة شركة سوناطراك النفطية الحكومية، قدمت ضمانات للشركات النفطية العالمية في مؤتمر عقد في لندن في عام 2011 حول استعداد الحكومة الجزائرية مباشرة استغلال الغاز الصخري، رغم التحفظات التي أبداها خبراء ومسؤولون في المؤتمر، حول مخاطر تلك النشاطات على البيئة وإمكانية رفضها شعبيا.
واستحوذت الشركات الأجنبية بموجب الاتفاق السري، على عدة حقول كبيرة للغاز الصخري في الجنوب، تقع في كل من عين صالح في محافظة تمنراست وتيميمون في أدرار، وبركين ومويدير في محافظة إليزي بحسب مصادر “العرب”.
الجزائر بين مطرقة الاحتجاجات الرافضة لمشاريع النفط الصخري وسندان اتفاقاتها الملزمة مع شركات الطاقة الأجنبية
واحتفظت شركة سوناطراك الحكومية بعدد من المواقع في شمال البلاد، بينها موقع غريس وجبل إسطنبول وسفيزف في محافظات معسكر وسيدي بلعباس والبويرة.
ويعود مشروع استغلال الغاز الصخري في الجزائر إلى عام 2009، حين كان منصب وزير النفط في عهدة شكيب خليل، الهارب إلى أميركا بسبب ضلوعه في قضايا فساد ورشوة، وكان يرأس حينها شركة سوناطراك أيضا.
وجرى خلال تلك الفترة توثيق قاعدة بيانات خاصة بالغاز الصخري، تؤكد أن الجزائر تملك ثالث أكبر احتياطات الغاز الصخري في العالم بعد الأرجنتين والصين، وهو الأمر الذي شجع سوناطراك على مباشرة عملية تقييم واسعة للمخزون في الأحواض الصحراوية، لتحديد المناطق المناسبة لإقامة مشاريع نموذجية تمهيدا لعملية الحفر.


وفي عام 2013، انتقلت إدارة سوناطراك إلى مرحلة حفر الآبار النموذجية للتعرف على قدرات الإنتاج وإعداد الجدوى الاقتصادية للمشروعات. وتم في تلك المرحلة إنجاز ثلاث عمليات حفر أفقية في حوض أهنيت بعين صالح بالتعاون مع الشركات الأجنبية الثلاث التي ظلت تتستر على هويتها، وتم التخطيط لإنجاز بئرين نموذجيتين اعتبارا من 2016 ولغاية 2020 في حوضي بركين وتيميمون.
وتقول المصادر إن نتائج الدراسات التقييمية أفضت إلى نتائج مشجعة ومغرية لشركات النفط العالمية، حيث أثبتت أن الصخور الفراسنية والسيلورية لأحواض الصحراء الجزائرية، تحتل المرتبة الأولى عالميا من حيث ثرائها بالمادة العضوية ونضجها.
الصفقات السرية أبرمت في عهد وزير النفط السابق شكيب خليل، الملاحق في قضايا فساد ورشوة
لكن تلك الدراسات لم تشر لحجم المخاطر البيئية ودرجة تلويثها لاحتياطات المياه الجوفية، التي تزخر بها المنطقة. وهو الأمر الذي يدفع الحكومة لتحدي كل الضغوط مقابل الاستمرار في انتهاج سياسة الريع النفطي والسيطرة على الجبهة الداخلية بالمضي في شراء السلم الاجتماعي.


ويظهر من حجم الشركات الأجنبية التي استحوذت على عقود الاستكشاف والاستغلال، مدى إصرار السلطة الجزائرية على الذهاب بعيدا في مشروع الغاز الصخري المثير للجدل، ويعكس دور وزير الطاقة السابق شكيب خليل، الذي يوصف بـ”ذراع اللوبيات النفطية العالمية في الجزائر” في طبخ الصفقة على نار هادئة وفي سرية تامة، لم تتأثر حتى برحيله وبالفضائح التي تلاحقه.
وتعمل شركة هاليبرتون في 120 دولة حول العالم، ويقع مقرها الرئيسي في مدينة هيوستن في تكساس، التي تعتبر عاصمة صناعة النفط في الولايات المتحدة. أما شركة شلمبرغر فهي أكبر شركة في العالم في مجال خدمات حقول النفط، ولها نشاط في حوالي 85 دولة ويعمل فيها أكثر من 120 ألف موظف من 140 جنسية. وتعد شركة توتال الفرنسية واحدة من أكبر 6 شركات نفطية في العالم.
ويرى مراقبون اقتصاديون أن الحكومة الجزائرية لم تكن تضع في الحسبان، بروز حالة من الرفض الشعبي في جنوب البلاد، وهي في حالة حرج شديد أمام شركائها بسبب الضمانات التي قدمتها لهم حول مرونة المشروع، وتأكيدها لهم بعدم وجود مخاطر.
وتبدو السلطات الجزائرية اليوم في مأزق حرج للغاية، بعد أن عجزت عن إقناع المحتجين من سكان مناطق الجنوب بنظافة المشروع، رغم تعبئتها لكل وسائل الدعاية لثنيهم على مواصلة حركتهم الاحتجاجية.كما أن السلطات الجزائرية لا يمكنها التراجع عن التزاماتها مع الشركاء الأجانب، خاصة في ظل الأزمة المالية الخانقة التي تعيشها اليوم بسبب تراجع العوائد النفطية.

>

إرسال تعليق

المشاركة على واتساب متوفرة فقط في الهواتف